متظاهرون في تل ابيب يرفعون صورة تجمع وجهي نتنياهو وتاجر المخدرات الكولومبي الراحل بابلو إسكوبار. (أ ف ب)
يحيى دبوق
الجمعة 3 كانون الثاني 2025
يتّفق معظم الإسرائيليين مع ما قاله رئيس المعارضة في الكنيست، يائير لابيد، من أن حكومة بنيامين نتنياهو هي «الأكثر فشلاً منذ عقود، وإذا أجريت الانتخابات الآن، فالعدد الأكبر ممَّن يمسكون بالسلطة لن يعودوا إليها، ولهذا السبب فهم يتمسّكون بكراسيهم بكلّ ما أوتوا من قوّة». في الوقت نفسه، تنحو تقديرات معظم الإسرائيليين إلى احتمال تكرار نتيجة الانتخابات السابقة، في حال إجرائها باكراً أو في موعدها الدستوري، بمعنى أن يعود الائتلاف نفسه بمكوناته إلى الحكم، مع تحسينات وتعديلات طفيفة. ومع أن كلا التقديرَين واردان، إلا أن استطلاعات الرأي تواصل تظهير الفشل المقدَّر للائتلاف الحالي في الوصول مجدداً إلى السلطة؛ وتلك تكاد تكون أهمّ المفارقات في أرقام اللعبة السياسية ومعادلاتها في إسرائيل.
وإذا كان لابيد قد قدّر مراراً، خلال العام الماضي، سقوط الحكومة في 2024، فإن ذلك لم يحصل. فهل يصيب في تقديراته لهذا العام؟ الواقع أن الحديث عن رئيس المعارضة وتقديراته، ليس الهدف منه استشراف المستقبل، بل محاولة فهم أسباب استمرار القتال في غزة. إذ من خلال النظر في ما يتداوله معسكر المعارضة، يتكشّف ثاني أبرز المفارقات في المشهد الإسرائيلي، وعنوانها أن قبول رئيس الحكومة إنهاء الحرب، في إطار تسوية أو حلّ مؤقت أو مسار سياسي وتسووي يفضي إلى وقفها، يعني أن حزبَي الصهيونية الدينية، برئاسة إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش، سينفّذان تهديدهما بالانسحاب من الائتلاف، وتالياً إسقاط الحكومة، وهي نتيجة تدفع نتنياهو إلى الارتداع عن قبول أيّ تسوية، وخاصة في ظلّ التقديرات التي تشير إلى أن الائتلاف الحالي لن يعود إلى السلطة، في حال إجراء انتخابات مبكرة أو حتى في موعدها الاعتيادي. ومعادلة كهذه، باتت جزءاً لا يتجزّأ من التحليلات والتوقعات المتّصلة بالحرب الإسرائيلية على غزة، كما الفرضيات والسيناريوات حول نهايتها أو استمرارها. لكنها أيضاً تثير أسئلة تشكيكية، من قبيل: إذا سقطت الحكومة نتيجة إنهاء الحرب، وجرت الانتخابات وخسر الائتلاف قدرته على تشكيل حكومة جديدة، فهل يعني ذلك خسارة نتنياهو وحزبه «الليكود» وحدهما الانتخابات؟ وماذا عن مكونات الائتلاف الحالي، وفي المقدمة منها حزبا الصهيونية الدينية؟
يتّضح أن سقوط الحكومة، وعجز مكوّناتها عن تشكيل حكومة جديدة، هو خسارة لهم كلّهم
الواضح أن سقوط الحكومة هو خسارة لكل مكوناتها، وإن مع استثناءات ترتبط بأحزاب هامشية منضوية في صفوفها، ويمكن قادتها نقل الراية من معسكر إلى آخر. وإذا كان نتنياهو يخشى سقوط ائتلافه، فهذا لأنه لن يكون قادراً على تشكيل غيرها لاحقاً، وهو ما يشكّل موضع خشية مشتركة بينه وبين حزبَي الصهيونية الدينية، فضلاً أيضاً عن الحريديم الذين يهدّدون بالانسحاب من الائتلاف في حال امتناع نتنياهو عن تحقيق مصالحهم، ولا سيما في مسألة التجنيد للجيش. والمعنى أن التهديد بإسقاط الحكومة في حال إنهاء الحرب، وتحديداً من جانب الصهيونية الدينية، هو تهديد بإسقاط الذات. ولا يعني ذلك أن لعبة السياسة الداخلية لا تؤثّر في قرارات الحرب والتسويات، بل هي سبب من الأسباب التي يَجدر استحضارها على طاولة التقديرات، لكنها ليست سبباً كافياً للاستمرار في القتال، أو أقلّه ليست بالمستوى الذي يجري الترويج له. وفي حال إسقاط الحكومة - إذا نفّذ الصهاينة الدينيون تهديدهم -، فسيكون هدف حملتهم الانتخابية، هم ورئيس الحكومة، محاولة التوصّل إلى أغلبية في الكنيست، تمهيداً لاستنساخ الحكومة الحالية.
وإذا كانت الحال كما تَقدّم، فأين يكمن سبب أو أسباب استمرار الحرب في غزة؟ للحديث صلة.